لندن – الغارديان
في الوقت الذي يشهد فيه السودان أزمة إنسانية خانقة جراء الحرب الدائرة، تطلّ كرة القدم برأسها لتكون بمثابة شرارة أمل للشعب السوداني. ففي ظل الظروف الصعبة، يقدم المنتخب الوطني أداءً استثنائياً، ويحقق نتائج مبهرة، ليصبح رمزاً للأمل والتحدي.
الملاذ الوحيد
يعتبر عبد الرحمن كوكو، نجم المنتخب السوداني، أحد أبرز الوجوه التي تبرز في هذه الفترة الصعبة. ففي حوار مع صحيفة “الغارديان”، تحدث كوكو عن التحديات التي يواجهها اللاعبون السودانيون، وكيف أن كرة القدم أصبحت ملاذهم الوحيد للهروب من واقع الحرب.
وأكد كوكو أن الحرب هي الدافع الأكبر للفريق، وأن اللاعبين يشعرون بمسؤولية كبيرة تجاه شعبهم، وأنهم يسعون من خلال الأداء المتميز إلى إدخال الفرحة على قلوبهم.
وقال كوكو: “الحرب هي ما يدفع الفريق إلى الأمام. إنها تشكل دافعًا قويًا لنا، لأننا نعلم أننا السبب الوحيد لسعادة السودانيين وفرحتهم الان . عندما نلعب، تتوقف الحرب لمدة 90 دقيقة، حيث يراقب الجميع، ويتوقف القتال”.
إنجاز تاريخي
رغم هذه الظروف الصعبة ، يتطلع المنتخب السوداني لتحقيق إنجاز تاريخي، حيث يحتاج الفريق إلى نقطة واحدة فقط في مباراته القادمة ضد النيجر غدا الخميس لضمان التأهل إلى كأس الأمم الأفريقية للمرة الرابعة في تاريخه، والأهم من ذلك، فإن المنتخب يتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم بعد أربع مباريات، ما يفتح له الباب لتحقيق إنجاز غير مسبوق بالتأهل للمرة الأولى.
المنتخب السوداني يلعب مبارياته خارج البلاد بسبب الأوضاع الأمنية، وجميع اللاعبين يقيمون في الخارج، حتى أولئك الذين ينتمون إلى أقوى ناديين في السودان، الهلال والمريخ. وأُجبر الناديان على اللعب مؤقتًا في الدوري الموريتاني لإتاحة الفرصة للاعبين لمزاولة نشاطهم .
ويجتمع لاعبو المنتخب في الخارج خلال فترات التوقف الدولية، حيث يتحدثون دائمًا عن الوطن وعن رغبتهم في العودة واللعب أمام الجماهير السودانية. يقول كوكو: “يتحدث الجميع عن اشواقهم للعودة مرة أخرى للسودان وعن رغبتهم في اللعب أمام جماهيرهم العظيمة، ولكن عندما نرى ما يحدث عبر الإنترنت أو على شاشات التلفزيون، نشعر بالأسى لأن هذا ليس السودان الذي نعرفه”.
تحفيز ابياه
وُلد عبد الرحمن كوكو في مصر لأبوين سودانيين قبل أن ينتقل إلى أستراليا ويلعب لويسترن سيدني واندررز في سن السادسة عشرة. بعد فترة لعب ودراسة في الولايات المتحدة، وقع عقدًا مع نادي المريخ قبل أن يرحل إلى نادي الاتحاد الليبي. تم استدعاؤه للمنتخب السوداني لأول مرة في مارس وأصبح لاعبًا أساسيًا منذ ذلك الحين.
يرجع الفضل في نجاح المنتخب إلى المدرب كواسي أبياه، الذي تولى تدريب الفريق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. قاد أبياه الفريق لتحقيق نتائج مذهلة، بما في ذلك تصدر المجموعة الثانية في تصفيات كأس العالم متقدمًا على السنغال، وتعادل مثير مع غانا في أكرا، ثم الفوز عليهم بنتيجة 2-0 في بنغازي. قال كوكو عن الفوز على غانا: “لقد قللوا من شأننا كثيرًا، لكننا لعبنا وفقًا لنقاط قوتنا. عندما حضرنا إلى بنغازي، توقعوا ملعبًا فارغًا، ولكن الليبيين دعمونا بقوة وساهموا في نجاحنا”.
أكد كوكو أن اللعب في ليبيا كان بمثابة قاعدة مريحة للمنتخب، حيث حضر آلاف المشجعين لدعم الفريق. وأضاف: “الشعب الليبي استضافنا بحرارة وجعلنا نشعر وكأننا في وطننا”.
حلم العودة إلى اللعب في السودان لا يزال يراود اللاعبين. يقول كوكو: “نحن نتحدث دائمًا عن هذا الأمر. حتى مدربنا يقول إن التأهل لكأس العالم قد ينهي الحرب، تمامًا كما فعل دروجبا في ساحل العاج عام 2005 عندما ساهمت كرة القدم في توحيد بلاده”.
اختتم كوكو قائلاً: “كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل أداة لتوحيد الناس. نأمل أن تساعدنا في تحقيق السلام وإنهاء المعاناة في بلادنا”.