
شهدت مدينة كسلا موقفًا إنسانيًا مميزًا أثار إعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحولت قصة بسيطة إلى ترند يجسد روح التكافل الاجتماعي والجود الذي يتميز به المجتمع السوداني.
بداية الحكاية
كانت بداية القصة لبائعة تدير محلا للشاي والقهوة بالقرب من قسم أبخمسة في كسلا، حيث لا تملك سوى ثلاثة كراسٍ فقط، وكانت تعمل في ظروف صعبة دون زبائن كُثر. لكن في مساء أحد الأيام، شاءت الأقدار أن يمر شاب من ابناء كسلا يدعى محمود أبوبكر محمود كرار بالقرب من المحل ويجلس لشرب الشاي عندها، لاحظ الشاب فرحة “البائعة ” بوجوده وشعر بمعاناتها في كسب الرزق، مما دفعه إلى اتخاذ خطوة غير متوقعة ستغير حياتها تمامًا.
التقط محمود صورة للبائعة ومحلها الصغير، وكتب منشورًا عبر فيسبوك يدعو أهل كسلا لزيارتها ودعمها بشراء الشاي والقهوة منها. وخلال ساعات، انتشر المنشور كالنار في الهشيم، وتحولت القصة إلى حديث المجتمع.
كسلا تتضامن
لم يكن أحد يتوقع حجم الاستجابة التي حظيت بها هذه المبادرة. مع حلول مساء اليوم التالي، بدأ سكان كسلا يتوافدون إلى المقهى بأعداد كبيرة، حاملين معهم الهدايا والمساعدات، فكانت هناك من يأتي بالكراسي، وآخرون يجلبون فناجين وكبابي شاي، فيما تبرع البعض بمكونات المشروبات الساخنة مثل السكر، البن، الشاي، الزنجبيل، وحتى أدوات تحضير الشاي والقهوة.
تحولت الأجواء إلى احتفالية رائعة، حيث جلس الرواد يتبادلون الحديث وسط أجواء مليئة بالمحبة والتكاتف. لم يكن الهدف فقط دعم البائعة ، بل أيضًا إرسال رسالة قوية بأن المجتمع السوداني لا يترك أحدًا في ضيق.
تم فتح حساب بنكي لتسهيل دعم المقهى، وخلال وقت قصير تجاوزت التبرعات حاجز المليار جنيه سوداني، إضافة إلى ذلك، تلقت مبالغ نقدية مباشرة ومساعدات عينية جعلتها تتحول من مجرد بائعة شاي تكافح لتأمين قوت يومها إلى صاحبة مقهى مزدهر يحظى بدعم مجتمعي هائل.
ردود الأفعال والإشادة بالمبادرة
حظيت القصة بردود أفعال واسعة النطاق، حيث أشاد رواد مواقع التواصل بروح الكرم والتعاون التي أظهرها سكان كسلا. وانتشرت عبارات مثل:
“بالله دا شعب ينهزم
مستحيل طبعا
احبك ياسودان
دار الفرح والريد تلقاني من أهلا
ومين المابعرف طيبه شباب كسلا
“من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر”
الحرب دي اثبتت انو ناس كسلا أطيب ناس في كل ولايات السودان من غير منازع
رسالة محبة من كسلا
ما حدث في كسلا لم يكن مجرد دعم لمقهى بسيط، بل كان رسالة قوية مفادها أن المجتمع السوداني ما زال يتمتع بروح التكافل والتعاون، حتى في أصعب الظروف. حيث عكست القصة الملهمة، القيم النبيلة التي لطالما عُرف بها السودانيون، وتؤكد أن الخير لا يزال موجودًا في كل زاوية من زوايا هذا الوطن العظيم .