صاحب الاختيارات المختلفة أحمد الصادق.. الغائب الحاضر
أجريت عدد مقدر من الحوارات عبر هذه الصحيفة مع عدد من من المطربين والشعراء، ولم يخلو حديث منهم من ذكر الفنان (أحمد الصادق)، والملاحظ التأثر الكبير المطرب من قبل أغلب مطربين الجيل الجديد من من يسلكون طريق الفن الحقيقي.
ولا زلت أذكر انني تحدثت عن (ود الصادق) مراراً وتكراراً إبان فترة عملي بطيبة الذكر صحيفة (فنون) تحديداً وعدد من الصحف الأخرى.
وهي نفس الفترة الذي خرج فيها الفنان الشاب (أحمد الصادق) للساحة وتسيدها وربما أكون (وقتها) من أوائل المعجبين بالخامة الصوتية المختلفة للفنان الشاب، وقد تكون خامة أحمد القوية و(بحته) النادرة من أهم مايميزه هذا ان لم تكن كل مايملكه، فأحمد الصادق صاحب صوت طروب ملئ بالشجن مشحون بالجمال.
صوت قادر علي التحليق بك الي عوالم اخري من الروعة والجمال وقد قوبلت تجربة أحمد بالعديد من الاراء بين ناقد وداعم وبين معجب وساخط.
وعن نفسي قد لا أعيب عليه سوي في (مخارج حروفه) غير السليمة.
واختياراته التي تأتي في درجة واحدة مع مايسمي بال(صدمة) ففي إحدى صدمات أحمد التي تأبى أن تغيب عن بالي والتي دايما ما أقول أن أحمد أدخلني بسببها في حالة من (ضياع الرأي) حتي بت غير قادرة علي تحديد ملامح أو هوية محددة لشكل الأغنية.
وقد تكون المرة الأولى التي تأخذ فيها مني أغنية شبابية كل هذا الوقت من التفكير والتحليل.
….روعة اللحن تستمر لعدة ثواني ثم تبدأ الكلمات: (ربي ياخدك لو في زول سواي هزاك….تموت ولاتسيبني وتسيب قلب عزاك….أبكيك جنازة ولا أبكي الفراق المر….تمرق تروح روحك في ضر أخير من ضر…. راضي الدموع في الموت ولا في الخيانة تشر….طول عمري اقضي حداد أيامي تبقي عذاب….تموت ولا تخوني ولاتحن لسواي….بعد خيانتك لي قاسية بتكون دنياي أحسن تكون ميت مما تكون ما معاي….في الحالة ديك انا برضي موتك أشوفو جزاي….يشيلني الله معاك لو بعدك انت بكون….أو أفكر اني لحبك حبيبي لحظة أخون….أكيد بعيش بعدك من غير عقل مجنون….وبعد مماتك لأ أنا مابحبو أزاي….).
بعيداً عن الكلمات غير الإعتيادية هناك حالة من الضياع الكامل بين حنية الصوت وجمالية اللحن وروعة الموسيقي وبين جفاف الكلمات والأنانية (المحببة) في الجزء الثاني..!!
فلوهلة قد تجد أن القسوة قد أخذت حيزاً كبيراً في التسلل بين كلمات الأغنية.
ولبرهة قد نجد أن إحساس التملك قد يصل الي أقصاه في بعض الحالات العشقية القصوي (كما في الأغنية) فأي عشق هذا وأي غيرة تلك التي تتسلل الي مداخل الروح وشفاف النفس، وأي تبتل هذا في محراب حبيب يفضل موت محبوبه علي أن يكون لغيره، حتي وإن كان الثمن جنونه هو أو أن يموت معه من خلال الجملة (يشيلني الله معاك لو بعدك أنت بكون).
أعرف ان غرابة الكلمات قد تقف كحجر عثرة أمام الكثيرين في تذوق الأغنية، كما أعرف أن الزمان الذي نتمني فيه السعادة لمن نحب حتي وإن كان مع غيرنا وعلى حساب أنفسنا قد انتهي أيضا وولى وبتنا في زمن (ربي ياخدك) ومضى زمن (مسامحك ياحبيبي مهما قسيت عليا) إلى غير رجعة.
كدا:
من الأسهل علينا تقبل فكرة موت من نحب علي تقبل فكرة فقدانه..واكتشاف أن بإمكانه مواصلة الحياة بكل تفاصيلها من دوننا..ذلك أن في الموت تساوياً في الفقد نجد فيه عزاءنا..
(أحلام مستغانمي)
نادينا